فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه قال: نزل جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر رضي الله عنه، ونزل ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الميسرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة رضي الله عنه أن رسول الله قال يوم بدر: «هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب».
وأخرج سنيد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه قال: ما أمد النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكر الله تعالى في الأنفال، وما ذكر الثلاثة آلاف أو الخمسة آلاف إلا بشرى، ثم أمدوا بالألف ما أمدوا بأكثر منه.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه وكان من أهل بدر قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: «من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها. قال: وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة».
وأخرج أبو الشيخ عن عطية بن قيس رضي الله عنه قال: وقف جبريل عليه السلام على فرس أخضر أنثى قد علاه الغبار، وبيد جبريل عليه السلام رمح وعليه درع فقال: يا محمد إن الله بعثني إليك فأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى فهل رضيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مردفين} يقال: المدد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مردفين} يقال: المدد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {مردفين} قال: وراء كل ملك ملك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه قال: كان ألف مردفين وثلاثة آلاف منزلين فكانوا أربعة آلاف، وهم مدد المسلمين في ثغورهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {مردفين} قال: ممدين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {مردفين} قال: متتابعين، أمدهم الله تعالى بألف، ثم بثلاثة، ثم أكملهم خمسة آلاف {وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم} قال: يعني نزول الملائكة عليهم السلام قال: وذكر لنا أن عمر رضي الله عنه قال: أما يوم بدر فلا نشك أن الملائكة عليهم السلام كانوا معنا، وأما بعد ذلك فالله أعلم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه {مردفين} قال: بعضهم على أثر بعض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما جعله الله إلا بشرى} قال: إنما جعلهم الله يستبشر بهم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {وما جَعَلَهُ} الهاء تعود على الإمداد، أي: وما جعل اللَّهُ الإمدادَ، ثُمَّ هذا الإمدادُ يحتمل أن يكون المنسبكَ من قوله: أنِّي مُمِدُّك إذ المعنى: فاستجاب بإمدادكم، ويحتمل أن يكون مدلولًا عليه بقوله: {مُمِدُّكم} كما دلَّ عليه فعلُهُ في قوله: {اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ للتقوى} [المائدة: 8] وهذا الثَّاني أولَى؛ لأنَّه مُتأتٍّ على قراءة الفتح والكسر في: إني بخلاف الأول فإنَّهُ لا يتّجه عودُهُ على الإمداد على قراءة الكسر إلاَّ بتأويلٍ ذكره الزمخشريُّ: وهو أنَّه مفعول القول المضمر، فهو في معنى القول.
وقيل يعودُ على المدد قاله الزَّجَّاجُ، وهذا أولى؛ لأنَّ بالإمداد بالملائكةِ كانت البُشْرَى.
وقال الفرَّاءُ: إنَّهُ يعودُ على الإرداف المدلول عليه بـ {مُرْدفين}.
وقيل: يعودُ على: الألف.
وقيل: على المدلول عليه بـ {يَعِدُكم}.
وقيل: على جبريل، أو على الاستجابة لأنَّها مؤنثٌ مجازي، أو على الإخبار بالإمداد، وهي كلُّهَا محتملة وأرجحها الأوَّلُ، والجعل هنا تصييرُ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}
ويقال بَشَرَّهم بالإمداد بالمَلَك، ثم رقَّاهم عن هذه الحالة بإشهادهم أن الإنجاز من المَلِكِ، ولم يَذرْهم في المساكنة إلى الإمداد بالمَلَك فقال: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ} ثم قال: {إنَّ اللهَ عَزِيزٌ} فالنجاة من البلاء حاصلة، وفنون الإنجاز والإمداد بالطاقة متواصلة، والدعوات مسموعة، والإجابة غير ممنوعة، وزوائد الإحسان مُتَاحة، ولكن الله عزيز.
الطالبُ واجدٌ ولكن بعطائه، والراغب واصل ولكن إلى مبارِّه. والسبيلُ سهلٌ ولكن إلى وجدان لطفه، فأمّا الحقُّ فهو عزيز وراء كل وصل وفصل، وقُرْبٍ وبُعْد، وما وَصَلَ أحدٌ إلا إلى نصيبه، وما بقي أحدٌ إلا عن حظه، وفي معناه أنشدوا:
وقُلْنَ لنا نحن الأهِلَّةُ إنما ** نضيءُ لمن يسري بليلٍ ولا نُقْرِي

فلا بَذْلَ إلا ما تزوَّدَ ناظرٌ ** ولا وصلَ إلا بالجمال الذي يسري

. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: كثرة السؤال توجب الملال وإنما سألوا ليكون لهم الأنفال فأجيبوا على خلاف ما تمنوا.
وقيل: الأنفال لله والرسول قطعًا لطريق الاعتراض والسؤال. وأصلحوا ما بينكم من الأخلاق الردية والهمم الدنية {وأطيعوا الله ورسوله} بالتسليم والائتمار {زادتهم إيمانًا} بحسب تزايد الأنوار {كما أخرجك ربك} فيه أنه أخرج المؤمن الحفي عن أوصاف البشرية إلى مقام العبودية بجذبات العناية {كما أخرجك} من وطن وجودك بالحق وهو تجلي صفات الجمال والجلال {وإن فريقًا} هم القلب والروح {لكارهون} للفناء عند التجلي، فإن البقاء محبوب عند كل ذي وجود {يجادلونك} أي الروح والقلب {في} مجيء {الحق بعد ما تبين} مجيئه كأنهم ينظرون إلى الفناء ولا يرون البقاء بعد الفناء كمن يساق إلى الموت {وإذ يعدكم الله} أيها السائرون {إحدى الطائفتين} إما الظفر بالأعداء وهي النفوس وإما عير الواردات الروحانية وغنائم الأسرار الربانية.
{وتودون أن غير ذات الشوكة} أي أردتم أن لا تجاهدوا عدوّ النفس ذات المكر والحيلة والهوى، واستحليتم الواردات والشواهد الغيبية وذلك أن السير قسمان: سير السالكين على أقدام الطاعات وتبديل الصفات النفسانية إلى جنات الروحانية، وسير المجذوبين على أجنحة عنقاء الجذبات إلى وراء قاف الأنانية، فكان موسى من السالكين إلى ميقات ربه لم يجاوز طور النفس فكان مقامه مع الله المكالمة، وكان محمد من المجذوبين وكان سيره على جناح جبرائيل إلى سدرة المنتهى ومنها على رفرف الجذبة الإلهية إلى قاب قوسين أو أدنى، فكان مكانه المشاهدة فمن العناية أن لا يكل الله السائر إلى ما يوافق طبعه وهواه كما قال: {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته} أي بجذباته {ويقطع دابر الكافرين} النفوس الأمارة بالسوء.
{إذ تستغيثون ربكم} يعني استغاثة الروح والقلب من النفس إلى الله عند استيلاء صفاتها {بألف من الملائكة} هم الصفات الملكية والروحانية {إلا بشرى لكم} بتبديل الأخلاق {وما النصر} بإهلاك النفس وصفاتها إلا بتجلي صفته القهارية {إن الله عزيز} لا يوصل إليه إلا بعد فناء الوجود {حكيم} في كل ما يفعل بمن يفعل والله أعلم. اهـ.

.تفسير الآية رقم (11):

قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر البشرى والطمأنينة بالإمداد، ناسب أن يذكر لهم أنه أتبع القول الفعل فألقى في قلوبهم بعزته وحكمته الطمأنينة والأمن والسكينة بدليل النعاس الذي غشيهم في موضع هو أبعد الأشياء عنه وهو موطن الجلاد ومصاولة الأنداد والتيقظ لمخاتلة أهل العناد، وكذا المطر وأثره، فقال مبدلًا أيضًا من {إذ يعدكم} أو معلقًا بالنصر أو بما في الظرف من رائحة الفعل مصورًا لعزته وحكمته: {إذ يغشاكم} بفتح حرف المضارعة في قراءة ابن كثير وأبي عمرو فالفاعل {النعاس} وضم الباقون الياء، وأسكن نافع الغين وفتحها الباقون وشددوا الشين المكسورة، فالفاعل في القراءة الأولى مفعول هنا، والفاعل ضمير يعود على الله، ولما ذكر هذه التغشية الغريبة الخارقة للعوائد، ذكر ما فعلت لأجله فقال: {أمنة} ولما كان ذلك خارقًا للعادة، جاء الوصف بقوله: {منه} أي بحكمته لأنه لا ينام في مثل تلك الحال إلا الآمن، ويمنع عنكم العدو وأنتم نائمون بعزته، ولم يختلف فاعل، الفعل المعلل في القراءات الثلاث لأن كون النعاس فاعلًا مجاز، ويصح عندي نصبها على الحال.
ولما كان النعاس آية الموت، ذكر بعده آية الحياة فقال: {وينزل عليكم} وحقق كونه مطرًا بقوله: {من السماء ماء} ووقع في البيضاوي وأصله وكذا تفسير أبي حيان أن المشركين سبقوا إلى الماء وغلبوا عليه، وليس كذلك بل الذي سبق إلى بدر وغلب على مائها المؤمنون كما ثبت في صحيح مسلم وغيره، فيكون شرح القصة أنم مطروا في المنزل الذي ساروا منه إلى بدر فحصل للمسلمين منه ما ملئوا منه أسقيتهم فتطهروا من حدث أو جنابة ولبد لهم الرمل وسهل عليهم المسير، وأصاب المشركين ما زلق أرضهم حتى منعهم المسير، فكان ذلك سببًا لسبق المسلمين لهم إلى المنزل وتمكينهم من بناء الحياض وتغوير ما وراء الماء الذي نزلوا عليه من القلب كما هو مشهور في السير، ويكون رجز الشيطان وسوسته لهم بالقلة والضعف والتخويف بكثرة العدو، والربط على القلوب طمأنينتهم وطيب نفوسهم بما أراهم من الكرامة كما يوضح ذلك جميعه قول ابن هشام {وينزل عليكم من السماء} ماء للمطر الذي أصابهم تلك الليلة، فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء وخلى سبيل المؤمنين إليه {ليطهركم به} أي من كل درن، وابتدأ من فوائد الماء بالتطهير لأنه المقرب من صفات الملائكة المقربين من حضرات القدس وعطف عليه- بقوله: {ويذهب عنكم} أي لا عن غيركم {رجز الشيطان} بغير لام ما هو لازم له، وهو العبد الذي كان مع الحدث الذي منه الجنابة المقربة من الخبائث الشيطانية بضيق الصدر والشك والخوف لإبعاد من الحضرات الملائكة: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جنب» والرجز يطلق على القذر وعبادة الأوثان والعذاب والشرك، فقد كان الشيطان وسوس لهم، ولا شك أن وسوسته من أعظم القذر فإنها تجر من تمادى معها إلى كل ما ذكر؛ ثم عطف عليه ما تهيأ له القلب من الحكم الإلهية وهو إفراغ السكينة فقال: {وليربط} أي بالصبر واليقين.
ولما كان ذلك ربطًا محكمًا غالبًا عاليًا، عبر فيه بأداة الاستعلاء فقال: {على قلوبكم} أي بعد إسكانها الوثوق بلطفه عند كل ملمة حتى امتلأت من كل خير وثبت فيها الربط، فشبهها بجراب ملئ شيئًا ثم ربط رأسه حتى لا يخرج من ذلك الذي فيه شيء، وأعاد اللام إشارة إلى أنه المقصد الأعظم وما قبله وسيلة إليه وعطف عليه بغير لام لازمه من التثبيت فقال: {ويثبت به} أي بالربط بالمطر {الأقدام} أي لعدم الخوف فإن الخائف لا تثبت قدمه في المكان الذي يقف به، بل تصير رجله تنتقل من غير اختيار أو بتلبيد الرمل. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: [في أن {إِذْ} موضعها نصب]:

قال الزجاج: {إِذْ} موضعها نصب على معنى {وَمَا جَعَلَهُ الله إِلاَّ بشرى} [آل عمران: 126] في ذلك الوقت.
ويجوز أيضًا أن يكون التقدير: اذكروا إذ يغشيكم النعاس أمنة.

.المسألة الثانية: في {يغشاكم} ثلاث قراءات:

الأولى: قرأ نافع بضم الياء، وسكون الغين، وتخفيف الشين {يُغَشّيكُمُ النعاس} بالنصب.